الخميس 01 أكتوبر 2015
يعتبر وضع رؤية وطنية مستقبلية أمراً أساسياً للأمن في عصرنا المعقد. وتتطلب صياغة هذه الرؤية فهم الظروف الجيوسياسية المستقبلية، وأفضل السبل لتحقيق المصالح الوطنية. وللقيام بذلك لابد للمرء من إدراك كيف يمكن استخدام السلطة والنفوذ الوطنيين في النظام الدولي في المستقبل. ثمة مجال واحد سيكون له أثر مؤكد في مستقبل الخليج العربي: وهو الطاقة المتجددة. ولحسن الحظ فإن دولة الإمارات العربية المتحدة الآن تستضيف الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (أيرينا)، التي يدلل وجودها هنا في أبوظبي على تقدم حقيقي نحو تحقيق رؤية الطاقة الملهمة لدولة الإمارات العربية المتحدة.
تنطوي الطاقة المتجددة على استغلال الموارد التي تتجدد بشكل طبيعي مثل أشعة الشمس والرياح والأمطار والمد والجزر والأمواج وحرارة الأرض. ويمكن أن تسهم الطاقة المتجددة في رفد أنواع الوقود التقليدية أو الحلول بديلاً عنها في أربعة مجالات هي: توليد الكهرباء، وتدفئة أو تبريد الهواء والماء، والوقود، وخدمات الطاقة الريفية. وقد يتصور المرء أن دولة رئيسية منتجة للنفط، كولة الإمارات العربية المتحدة، ستعرض المبادرات المتجددة، ولكن الحقيقة هي عكس ذلك تماماً.
يشير أحدث تقرير لمجموعة المناخ أن الإمارات العربية المتحدة تحتل الريادة في تطوير الطاقة الشمسية، وتسهم في تراجع تكلفة الطاقة المتجددة. ووفقا للتقرير، فإن من المتوقع أن يسهم الاقتصاد الأخضر في دولة الإمارات العربية المتحدة في توفير 160,000 فرصة عمل بحلول عام 2030، وفي زيادة الناتج المحلي الإجمالي لدينا بنسبة 5 %. ومن المتوقع أن تسهم محطة الطاقة الشمسية التابعة لهيئة دبي للكهرباء والمياه في توليد 200 ميجاوات من طاقة الكهرباء الخضراء بأدنى سعر في العالم بحلول عام 2017. يقول التقرير: "تحتل دولة الإمارات العربية المتحدة موقعاً استراتيجيا يمكّنها من الاستفادة من الزيادة السريعة في الطلب على الطاقة المتجددة" ويضيف التقرير: "يسهم ابتكار التكنولوجيا النظيفة والتعاون الدولي في إكساب دولة الإمارات العربية المتحدة سمعة باعتبارها مركز الريادة في مجال الابتكار في مجال الطاقة النظيفة، حيث يتطلع العالم - مرة أخرى - إلى المنطقة للمساعدة على دفع عجلة الطاقة العالمية القادمة."
إن مجتمع الطاقة المتجددة لدينا كبير وغني بالموارد ويتطور بسرعة. فمعهد مصدر التابع لمجموعة مبادلة يركز على القيام باستثمارات مربحة ومميزة في مجال الطاقة المتجددة والتقنيات المستدامة. وفي أماكن أخرى أبرمت دولة الإمارات العربية المتحدة شراكات لتطوير مشاريع الطاقة المتجددة في بلدان جزر المحيط الهادئ، مثل فيجي وكيريباتي وساموا وتوفالو وفانواتو. وسيتم تمويل تلك المشاريع من صندوق الشراكة بين الإمارات العربية المتحدة ومنطقة المحيط الهادئ البالغ 50 مليون دولار، من خلال تمويل منحة من صندوق أبو ظبي للتنمية. كما تستضيف الآن دولة الإمارات العربية المتحدة أيرينا أيضاً.
تسعى أيرينا لتوفير خدمات طاقة متجددة يمكن الاعتماد عليها، بالإضافة إلى جمع الأنشطة القائمة، ولكنها متناثرة، حول محور مركزي. كما تسعى أيرينا لتطوير أوجه جديدة من التعاون، وتسهيل الحوار، وتشجيع تبادل أفضل الممارسات. إن التعاون وتبادل المعرفة وتمكين السياسات وتعزيز القدرات، وتشجيع الاستثمار وتعزيز التكنولوجيا والابتكار هي الجهود الأساسية التي تسعى أيرينا لإرسائها. تشمل المكونات الرئيسية لأيرينا: الجمعية والمجلس والأمانة العامة. وتتكون الجمعية من ممثل واحد عن كل دولة عضو، وتنعقد سنوياً باعتبارها سلطة اتخاذ القرارات النهائية في أيرينا. أما المجلس فهو مسؤول أمام الجمعية ويتألف من 21 عضوا، يتم انتخابهم لمدة سنتين. أما الأمانة العامة فهي تضم المدير العام وموظفيه، والدعم الإداري والفني لأيرينا.
إن رؤية دولة الإمارات العربية المتحدة في مجال الطاقة المتجددة تسهم في ضمان الأمن الاستراتيجي والازدهار لدولة الإمارات العربية المتحدة، من خلال توفير مسارات متوازية لتحقيق النجاح حتى في الأوقات المضطربة. إن دولة الإمارات العربية المتحدة تتمتع بإمكانات ضخمة، وهي رائدة في مجال ابتكار الطاقة المتجددة في الخليج ومنطقة الشرق الأوسط، وليس هناك شك في أن وجود أيرينا في دولة الإمارات العربية المتحدة سيعزز سمعتها العالمية ويمنحها تأثيراً بطرق لم تكن متاحة من قبل – وكلا الأمرين يسهم في تعزيز الأمن الوطني.