السبت 01 مارس 2014
يؤدي التدريب والتعليم العسكري إلى تحسين قدرات الأفراد العسكريين تبعا للأدوار والمسؤوليات المسندة إليهم. ونظرا لدرجة الاستعداد العالية التي يحتاجها الجيش، يجب على كل فرد أن يجيد استخدام مهاراته الفنية (عند استخدام الأسلحة والمعدات) ومهارات اتخاذ القرار (عند تنفيذ العمليات في ساحة القتال)، وأن يكون لائقا بدنيا وذهنيا لأداء واجباته. ويؤدي التدريب إلى رفع مستوى الكفاءة الفنية واللياقة البدنية، ثم يأتي التعليم ليعزز عملية اتخاذ القرار واللياقة الذهنية. ويؤمن التعليم والتدريب العسكري رفع مستوى الأفراد باستمرار، وتحقيق أفضل مستوى للدفاع عن الدولة.
وتميل معظم الجيوش إلى تطويع عمليتي التدريب والتعليم تبعا لمهام الأفراد. فالتدريب الأساسي يؤمن المعلومات الأساسية ويهييء الأفراد المستجدين لاستخدام الأساليب اللازمة التي تجعلهم عناصر فعالة للخدمة في صفوف الجيش. وبعد انتهاء التدريب الأساسي، يخضع معظم العسكريين لدورات تدريبية متقدمة تركز بصورة أكبر على مهام تخصصية محددة بعينها. أما في التدريب المتقدم، فيتعلم الفرد تكنولوجيا عسكرية أكثر تطورا، ويتعلم كيفية استخدام أجهزة ومعدات متخصصة. وعادة ما تتطور الحروب باستمرار، ما يفرض ضرورة استمرار عملية التدريب للتأكد من قدرة الأفراد ومهاراتهم الفنية على مواكبة هذا التطور.
وعادة ما يشمل التدريب العسكري نوعين رئيسيين من التدريب: التدريب العادي على كافة الأشياء مثل تعلم كيفية استخدام برمجيات الاتصالات الحديثة، والتدريب على المهارات الفنية لعدد معين من الأفراد مثل تعلم كيفية تنفيذ أعمال الصيانة للطائرة C-17 أما بالنسبة لكيفية استخدام الطائرات المروحية "أباتشي" والطائرة ميراج 2000 والطائرة F-16 E/F وأنظمة الصواريخ THAAD في ساحة العمليات، فيتطلب الأمر مستويات متطورة للغاية من التدريب الشخصي للتأكد من حصول الأفراد على أعلى مستوى من التدريب.
أما بالنسبة للتعليم فالأمر مختلف تماما، حيث يتطلب التعليم تطوير مجموعة العقائد والتكتيكات والأساليب والإجراءات tactics, techniques and procedures (TTP) التي تسمح باستخدام الوحدات القتالية بقوة وفعالية. ورغم هذا، وخلال مرحلة متقدمة من الحياة المهنية، يجب أن يشمل التعليم العسكري أيضا تعليما أكثر تركيزا على التفكير وإعمال العقل من أجل تطوير القدرات الذهنية وسرعة البديهة والقدرة على التعامل مع المواقف غير المعلومة أو الغامضة التي تصبح فيها الأمور مسألة حياة أو موت، وإخضاع المتعلم لمواقف صعبة تتطلب منه اتخاذ قرارات صعبة.
ويساهم التعليم المتقدم في مساعدة الأفراد القدامى على التعامل مع الغموض الذي يكتنف الحرب الحديثة، وشحذ قدراتهم الخاصة باتخاذ القرار، وهي العملية اللازمة لقيادة العمليات الحديثة بكفاءة وفعالية. ميزة أخرى لهذا النوع من التعليم هي إمكانية تطوير علاقات بين كبار الضباط الذيبن يتعلمون كيف يثقون في بعضهم البعض، والعمل جنبا إلى جنب بصورة فعالة داخل قوات التحالف، وذلك بفضل المعلومات التي تبادلوها داخل المدارس العسكرية المتقدمة في جميع أنحاء العالم.
ونظرا لأهمية مهارات التفكير الاستراتيجية المتطورة، تبنت بعض الدول، مثل دولة الإمارات العربية المتحدة، أنظمة مستقلة للتعليم العسكري، بداية من الأكاديميات العسكرية التي تمنح صغار الضباط درجات جامعية في العديد من التخصصات المختلفة. أما بالنسبة إلى الضباط الأقدم والأعلى رتبة، فأمامهم فرصة تعليمية أخرى في تخصصاتهم، ثم الالتحاق بكليات أركان حرب، ثم الكيات الحربية أو كليات الدفاع، حيث يمكن لكبار الضباط تطوير مهاراتهم الذهنية اللازمة للتعامل مع تهديدات الأمن القومي الأشد خطورة.
وإلى جانب الولايات المتحدة وبريطانيا العظمى والصين، تعتبر دولة الإمارات العربية المتحدة من بين الدول القليلة التي أخذت زمام المبادرة لوضع برامج "كلية الدفاع الوطني" من أجل تعليم المسؤولين الحكوميين كيفية مواجهة التحديات الدولية، وتعلم الاستراتيجيات التي تكرس الرخاء والرفاهية.
وقد تجد ضابطا برتبة "عميد"، وجنديا برتبة "رقيب" ضمن نفس التشكيل القتالي يدرسان جنبا إلى جنب كيفية تطوير مهاراتهما الذهنية في الوقت نفسه، ولكن الأول قد تكون لديه فكرة عامة حول المهارات الفنية التي يحتاجها الثاني من أجل تنفيذ مهام محددة بعينها. وقد تجد أن "الرقيب" قد لا يحتاج مطلقا إلى تعلم كيفية التعامل مع الأزمات الدولية الصعبة التي تستلزم من "العميد" اتخاذ قرارات بشأنها، ولكن كليهما يستفيدان من نظام التعليم والتدريب العسكري الحديث.
ومن شأن برامج التعليم والتدريب العسكري أن تضيف الكثير إلى قاعدة المعلومات المتاحة لدى الدولة التي تطبق التجنيد الإجباري لأن مثل هذه البرامج تصلح لأن تكون نموذجا لمجموعة مختلفة من البرامج التعليمية والتدريبية المتخصصة الأخرى في مجتمع دولة الإمارات العربية المتحدة القائم على المعرفة. وبصرف النظر، فإن التعليم والتدريب العسكري سيظلان دائما عاملين استراتيجيين حاسمين بالنسبة إلى الدولة.